لماذا يبكي الطفل عند ولادته؟ لماذا يمنحنا بكاؤه شعوراً غامراً بالسعادة؟ تنقسم إجابة سؤال “لماذا يبكي الطفل عند ولادته” إلى قسمين، لأن هناك إجابتين مختلفتين لهذا السؤال والاختلاف بينهما لا يعني أن أحدهما على خطأ. لذلك دعونا نتعرف عليها من خلال موقع ملتزم.
لماذا يبكي الطفل عند ولادته؟
يعتبر بكاء الطفل عند الولادة أمراً شائعاً لأنه يحدث باستمرار وفي أي عمر. ومن الواضح أننا جميعا، دون أن نعرف ما هو سبب هذا البكاء، نعتقد أن هذا البكاء يتكرر عند جميع الأطفال، وأنه لا ضرر على هؤلاء الأطفال من هذا البكاء. ماذا يعني ذالك؟ وهذا يعتبر علامة جيدة، وإذا لم يحدث، فإنه بالتأكيد سيقلقنا.
ولكننا نريد أن نعرف الإجابة الحقيقية على السؤال: لماذا يبكي الطفل عند ولادته؟ إن رغبتنا في معرفة هذه الإجابة لا تأتي للتحقق من الطفل كما وضحنا من قبل، ولكن من فضولنا الذي يدعونا إلى السؤال عن هذا الأمر ورغبتنا الشديدة في معرفة كافة جوانبه.
وكما سبق أن أخبرناك في المقدمة، فإن إجابة هذا السؤال تنقسم إلى قسمين، لا يرتبطان ببعضهما بعد، ولكن هناك أدلة قوية على كل منهما. القسم الأول هو الجزء العلمي حيث سنشرح جميع الأسباب التي اكتشفها العلم حتى الآن وهذه الأسباب تجعل الطفل يبكي بمجرد خروجه من الرحم. القسم الثاني هو القسم غير المرئي. وسنعرض لكم في هذا القسم ما أخبرنا به الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن سبب بكاء الطفل بعد ولادته مباشرة.
القسم الأول (القسم العلمي)
سنعرض لك في هذا القسم جميع الأسباب التي اكتشفها العلم حتى الآن فيما يتعلق ببكاء الطفل بعد الولادة مباشرة. من المعروف أن العلم يتطور إلى حد كبير وهذا بسبب البحث والتطوير المستمر، خاصة في مجال الطب، لأن هذا المجال يساهم في الحفاظ على الإنسانية ويحمي الإنسان من خطر الإصابة بالأمراض المحتملة.
على سبيل المثال، إذا قارنا وقتنا الحالي مع تاريخ الطب قبل قرن من الزمان، سنرى أن هناك العديد من الأمراض التي شكلت خطراً مباشراً على جميع الناس، لكن هذه الأمراض لم تعد موجودة اليوم بسبب تلقي التطعيمات اللازمة، والتي لا تمنع انتشارها فحسب، بل تمنع حدوثها أيضًا.
ومن هذه الأمراض مرض شلل الأطفال، الذي كان يصيب في السابق عدداً كبيراً من الأطفال. ويعتبر هذا المرض من أشهر الأمراض التي كانت منتشرة منذ خمسة أو ستة عقود، أما اليوم فلم يعد هذا المرض موجودا على الإطلاق. وهناك أيضاً الجدري الذي يؤدي في معظم الحالات إلى الوفاة، ولكن بفضل التقدم في البحث العلمي في مجال الطب والمجالات العلمية الأخرى، لم يعد اليوم يشكل خطراً على أي منا.
اكتشف العلماء أسباب بكاء الطفل عند ولادته
ويمكننا عرض هذه الأسباب منذ بداية عملية الولادة، والتي يتم فيها نقل جسم الجنين من الرحم إلى عنق الرحم ثم خارج جسم الأم، حتى نعرف بالضبط سبب بكاء الطفل عند ولادته. وسنوضح أولاً هذه الأسباب في النقاط التالية:
- أثناء عملية الولادة يحدث نوع من الضغط على جسم الجنين، وخاصة على الصدر. ويساعد هذا الضغط على طرد السائل الأمنيوسي من الرئتين الممتلئتين به. ويخرج هذا السائل من جسم الجنين عند خروجه من الرحم حتى تبدأ رئتاه في العمل بشكل طبيعي.
- يخف الضغط الواقع على منطقة صدر الجنين بعد الولادة مباشرة ويخرج جسمه بالكامل من عنق الرحم. وبذلك يكون الطفل قد دخل إلى بيئة جديدة تختلف تماماً عن البيئة التي عاش فيها في الرحم. تجلب هذه البيئة عدة تغيرات أولها وجود الهواء الذي يحفز رئتيه على الشهيق لأول مرة. قد يكون هذا الاستنشاق قصيرًا، لكنه يساعد على نفخ الرئتين بالهواء وطرد السائل الأمنيوسي منها.
- يتبع هذا الشهيق زفير يمكن أن يكون طويلًا وقويًا. وفي معظم الحالات، يأخذ هذا الزفير شكل صرخة حادة عالية يحب الجميع سماعها. ويتبع هذه البكاء عدة صرخات أخرى، مكونة صوت بكاء الطفل. فائدة هذه الصرخات المتتالية هي تنظيف الرئتين من بقايا السائل الأمنيوسي. وبهذه الطريقة
- بكاء الطفل بشكل متواصل لمدة لا تزيد عن ستين ثانية. يتوقف الطفل عن البكاء عندما تزيل الرئتان السائل الأمنيوسي المتبقي بالكامل وتنفتح جميع الحويصلات الهوائية بالكامل.
ولذلك فإن بكاء الطفل عند الولادة يعد مؤشراً مهماً جداً على أن رئتي الطفل تعمل بشكل صحيح مرة أخرى ويستطيع التنفس بشكل طبيعي مرة أخرى.
طريقة تنفس الجنين في الرحم
والآن بعد أن أوضحنا إجابة السؤال: لماذا يبكي الطفل عند ولادته؟ وكان الجواب هو البدء في التنفس بشكل طبيعي من خلال الرئتين. أعتقد أننا بحاجة إلى شرح كيفية تنفس الجنين في الرحم وسنشرحها لك من خلال النقاط التالية:
- يلبي الطفل احتياجاته من العناصر الغذائية والأكسجين من خلال دم أمه، وينتقل الأكسجين والمواد المغذية عبر الحبل السري والمشيمة.
- وكذلك يتم إخراج ثاني أكسيد الكربون والفضلات عن طريق الحبل السري والمشيمة، ولكن يحدث ذلك بطريقة عكسية (سبحان الله الخالق العظيم)، حيث تنتقل هذه الفضلات من دم الطفل إلى دم الأم وتكون ثم يتم التخلص منها كالمعتاد.
- وبهذه الطريقة يتلقى الجنين الأكسجين حتى الولادة. من المعروف أن الرئتين هي آخر عضو يتطور بشكل كامل حيث تنتهي في الأسبوع 35-36. ومع ذلك، تبدأ الرئتان في العمل فقط عندما يولد الطفل.
هناك معلومة قد تفاجئك، وهي أن الجنين يحاول ممارسة عمليتي الشهيق والزفير في الرحم، ولكن هذا يتسبب في امتلاء رئتيه بالسائل الأمنيوسي، وهو ما يعتبر طبيعيا أثناء الحمل وعدم الزفير يسبب ضررا للجنين. .
القسم الثاني (القسم غير المرئي)
سنخبركم في هذا القسم عن السبب الذي أخبرنا به الرسول (صلى الله عليه وسلم) والذي يجيب على سؤال: لماذا يبكي الطفل عند ولادته؟ ونؤكد لكم أن هذا السبب، رغم أنه لا علاقة له بالسبب العلمي، إلا أنه سبب حقيقي. ولو لم يكن حقيقيا فما ذكره لنا الرسول صلى الله عليه وسلم وأود أن أوضح لك أن هذا السبب يمكن تفسيره علميا في المستقبل.
وهذا السبب واضح في قول الرسول (صلى الله عليه وسلم):
«ما من مولود يولد إلا وخزه الشيطان، فيستصرخ من وخز الشيطان، إلا ابن مريم وأمه».
وهذا الحديث يوضح أن الشيطان يستقبل الإنسان بمجرد دخوله الدنيا فيطعنه في جنبه. ويقولون أن هذا السبب يرجع إلى عداء الشيطان الشديد لآدم وجميع أولاده. وروي أن الله عندما خلق حياتنا سيد آدم عليه السلام لم ينفخ فيها الروح بعد خلقها مباشرة، بل نفخ فيها الروح بعد خلقها لمدة من الزمن لا يعلمها إلا الله، وفي تلك الفترة كان الشيطان يثقب جنب آدم عليه السلام، فكان يفعل ذلك مع سائر أولاده.
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في هذا الحديث: “… إلا ابن مريم وأمه”، وهذا الأمر واضح من الآية القرآنية الكريمة التي فيها تعالى قال: (…وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) (مريم: 36).
ومن خلال هذا الحديث اتضح لنا السبب الخفي لبكاء الطفل عند ولادته، ورغم التباين بين السببين وحقيقة كل منهما، إلا أن بكاء الطفل المستمر لمدة دقيقة تقريباً يؤكد أنه أمر طبيعي. قد يبكي الطفل لأكثر من سبب في نفس الوقت.
بكاء الطفل عند ولادته من الأمور التي تثير فضولنا وتجعلنا نتساءل: لماذا يبكي الطفل عند ولادته؟ يعتبر بكاء الرضيع من أهم مصادر السعادة والطمأنينة على صحة الجنين.